حاجات صح، في أوقات غلط!!

في الوقت الصعب / المبارك اللي بنعيشه اليومين دول مش فقط على المستوى الشخصي أو الكنسي أو المسيحي ولكن على المستوى الاجتماعي العام وعلى المستوى الإنساني بشكل كبير، هنلاقي إننا بنحصد كل ما زرعناه في حياتنا السابقة من وعي وخبرة!

نعم؛ فهناك قرارات تُؤخذ، وتفاعلنا معها مرتبط بوعينا ...

وهناك قرارات استثنائية يجب أن نأخذها بتطلع من وعينا ...

الصراع في العالم كله الآن هو صراع وعي

والأشخاص والمجتمعات الأكثر وعيًا هي المجتمعات الأكثر قدرة على التعامل مع الأزمات بشكل يقيها الأذى ...

وهنا ناس كثير بتتفاجئ إن وعيها مش مساعدها على فهم ما يحدث / التصرف إزاء ما يحدث

وده بيخليهم في أزمة؛ لأن المطلوب منهم وعي أكبر من حجم وعيهم الحالي!!

يعني هتلاقي إننا عاوزين نأسس وعي صحي بشكل فجائي

عاوزين نأسس وعي اجتماعي بشكل فجائي

عاوزين نأسس وعي بالمسؤولية المجتمعية بشكل فجائي

عاوزين نأسس وعي تحليلي بيحلل الأخبار والشائعات ويفلترها ويرفض الخاطئ منها بشكل فجائي

عاوزين نأسس وعي تشاركي بدل الاستهلاكي بشكل فجائي

عاوزين نأسس وعي استباقي للشعور بالأمور غير المباشرة بالنسبة لي الآن (يعني نتصرف بناء على حاجة بتحصل في حتة تانية ولسه موصلتش بيتي) بشكل فجائي

عاوزين نتخلص من الفهلوة الفكرية بشكل فجائي

عاوزين نتخلص من العنترية الفوضوية بشكل فجائي

عاوزين نتعلم إزاي ندير مخاوفنا بإيجابية من غير ما تتحول لهلع غير صحي بشكل فجائي

عاوزين نتعلم إزاي نتتبع المصادر ونشوف قوة كل مصدر ومصداقيته ونقارنه بمصادر معرفية أخرى بشكل فجائي

عاوزين نتعلم نثق في القيادة بشكل فجائي

عاوزين نتعلم نقعد في البيت فترات أطول بشكل فجائي

عاوزين نتعلم نقيم علاقات دافئة مع عائلتنا بشكل فجائي

عاوزين نتعلم نتعامل مع كبار السن بمسؤولية من غير ما نأذيهم نفسيًا أو صحيًّا بشكل فجائي

عاوزين نتعلم نستثمر وقتنا في القراءة وتعلم شيء جديد يساعدنا في الوقت اللي فضي بشكل فجائي

عاوزين نأسس وعي لاهوتي بشكل فجائي

عاوزين نتعلم نفكر من منظور الله التدبيري المتجاوز اللحظة الحالية فقط بشكل فجائي

عاوزين نتعلم الفرق ما بين صناعة المرض ومسارات حركته اللي بتتقاطع - بشكل يفوق العقل - مع إرادة تدبيرية عليا بشكل فجائي

عاوزين نفكر في مفهوم العناية الإلهية في وقت الأحباء ممكن يموتوا بالرغم من صلاتنا من أجلهم بشكل فجائي

عاوزين نفهم معنى ضابط الكل، بالرغم من الألم والأذى النفسي أو المادي أو الصحي اللي ممكن أكون فيه بشكل فجائي

عاوزين نتعلم إزاي نقرأ كلمة الله بطريقة تشكل وعيي بطرق وتدابير الله الثابتة جوهريًا، والمتغيرة سياقيًا بشكل فجائي

عاوزين نتعلم نصالح بين الإله المحب، والإله القدير، والوباء الذي يحصد آلاف الأنفس كل يوم بشكل فجائي

عاوزين نتعلم إزاي نحط الأمور في سياقها، لما نعرف إن في آلاف بيموتوا من الجوع يوميًا (ده مش مجاز لأن في حوالي 14000 شخص بيموتوا يوميًا من الجوع! / ممكن تراجع www.worldometers.info) من غير ما نشعر بهم أو ننشغل بهم أو نتألم لهم، زي الآلاف اللي بيموتوا الآن من فيروس كوفيد 19 بشكل فجائي

عاوزين نتعلم مفهوم الكنيسة في وقت أبواب الكنائس مغلقة بشكل فجائي

عاوزين نتعلم مفهوم الخدمة في وقت الخدمات المنتظمة والأنشطة المتوقفة بشكل فجائي

عاوزين نتعلم مفهوم الحضور الإلهي في وقت مش كل الناس عندها إمكانية اشتراك في الإفخارستيا بشكل فجائي

عاوزين نتعلم إزاي كل واحد ممكن يأسس كنيسة في بيته - بالمعنى العام للكلمة - بشكل فجائي

عاوزين نتعلم إزاي نهدأ ونصمت ونفحص حياتنا وطرقنا (وحدنا) بشكل فجائي

عاوزين نتعلم إزاي نفكر بشكل استثنائي في وقت استثنائي وإحنا مش متدربين على ده بشكل فجائي

عاوزين كل حاجة صح!!!

بس في وقت غلط!!!

أوقات الألم والأزمة مش وقت تأسيس، لأن التأسيس فعل تراكمي، والفعل التراكمي محتاج تدرب وممارسة وخروج من دوائر الاعتياد، وصدام مع جمود الفكر والقلب، ومواجهة داخلية، وصراع، ونزاع ورفقة، ومعرفة، وقراءات وصلوات، وتضحيات ...

كل ده مش بيجي بين يوم وليلة

زي بالضبط اللي عاوز يزود مناعته في يومين بإنه يشرب ليمون وبرتقال!!!

ده مستحيل!!

المناعة بتتقوى بطريقة الحياة لفترة من الزمن

والوعي بيتشكل بطريقة التفكير والحياة

والاثنين محتاجين استثمار في الوقت والجهد والمثابرة ...

أنا طبعًا هنا مش بأتكلم عن التوبة والرجوع إلى الله .... إطلاقًا

أنا باتكلم عن الوعي اللي له علاقة بنفسك وبأحبائك وجيرانك وزملاء عملك أو دراستك ومدينتك ووطنك والعالم كله ...

هل ده معناه إن مفيش فائدة إن يكون عندي أسس للوعي تساعدني في الوقت اللي جاي؟!!

لأ طبعًا ... مفيش حاجة اسمها مفيش فائدة

ولكن لازم كل واحد يعرف إنه لو هيأسس لوعي يقدر يصمد باتزان أمام كل المتغيرات اللي بتحصل، فالموضوع هياخد وقت، وإنه لازم يكون بعيد عن المؤثرات السطحية، والإعلام، والأخبار المتواترة، والنزاعات حول تطبيقات بعينها، والمخاوف على الأحباء ... إلخ، وده اللي بيخلي الموضوع ده صعب في الأوقات الاستثنائية ...

مفيش حاجة مستحيلة

ولكن في حاجة بتكون أصعب لما بتتعمل في الوقت الغلط

للتأسيس وقت،

ولحصاد الوعي وقت ....

طب أبدأ إزاي ...

  • صلي من أجل إن ربنا يساعدك إن وعيك ينفتح

  • ابتعد عن المؤثرات غير الصحية

  • متصدقش أي حاجة إلا من مصدر رسمي، ولازم تروح تتأكد بنفسك من المصدر الرسمي، سواء صفحة رسمية، موقع رسمي .... إلخ

  • بلاش نظريات المؤامرة في الوقت ده، لأن مش ده الوقت اللي نفكر فيه مين السبب، ولكن الوقت ده هو الوقت اللي نفكر فيه إزاي استفاد من اللي بيحصل واتعامل معاه بشكل صحيح

  • بلاش مزايدة على الآخرين، كل واحد بيجني ثمرة وعيه زي ما قلنا ...

  • حاول تتكلم مع الناس اللي عندها وعي مرن يقدر يتعامل مع المتغيرات وبيعرف يفكر بشكل استثنائي

  • فرق بين الحذر والاحتياط والعادات الإيجابية، وبين الخوف والهلع، وراقب نفسك كل شوية، لو منسوب الحذر قل مع الخوف، ابدأ اقرأ في خطورة الموقف، ولو منسوب الهلع زاد مع الحذر، ابدأ اقرأ عن الخبرات الإنسانية السابقة في الأوبئة اللي كانت أخطر وأشد وأكثر فتكًا، والإنسانية عدت منها.

  • اشغل وقتك بحاجات إيجابية، علشان ذهنك ميكونش مكان لسموم الأفكار ... اتعلم لغة، ادرس حاجة أونلاين، اقرأ كتب كان نفسك تقراها، اسمع حاجة، اتكلم مع ناس كان نفسك تقيم علاقة أعمق معاهم ... إلخ.

  • ابعد عن الناس اللي بيسمهوم energy vampires اللي لما بيتكلموا أو بيكونوا في مكان أو بيناقشوا قضية فتلاقي إن طاقتك الداخلية على الصمود، وسلامك الداخلي بيهتز لأنهم مش بيقدموا واقع، ولكن بيقدموا المنظور المأسوي من الواقع. مش وقت إنك تقعد مع الناس دي لو مش هتقدر تكون إنت المغير لهم ... مش وقته ...

  • في ناس هتلاقيها بتتكلم عن أواخر الأيام ... وهتلاقي نفسك بتسأل السؤال ده جواك؟ وهتلاقي الناس منقسمة ... مش وقت إني أحلل معاك الموضوع ده لأنه مش وقته، بس حتى لو أواخر الأيام، الهدف إيه؟؟ إن إنت تراجع حياتك وطرقك، ويكون المسيح (الحقيقي) مركز حياتك الجديدة، ده المهم ... لو انشتغلت بده، فمش محتاج تسأل السؤال عن أواخر الأيام من عدمه ... روح للهدف علطول ... إن المسيح يكون مركز حياتك وهو اللي يشكل وعيك ...

  • فرصة إنك تتعرف على المسيح الحقيقي اللي معاك في كل مكان، مش اللي كنت بتشوفه في الكنيسة يوم واحد في الأسبوع فقط وتسيبه هناك وتكمل حياتك عادي بطرق العالم المعتادة ... ممكن تكون اتعرفت على جانب من المسيح، بس في جوانب تانية محتاج تكتشفها ... المسيح الحقيقي هو مسيح كلي الحضور ... وده اللي إنت محتاج تكلمه وتكتشفه وتسأله وتحاول تفهم فكره وتعيشه ... المسيح الحقيقي

  • متدخلش في مجادلات في أي موضوع في الوقت ده، لأن وقتك أثمن من إنه يضيع في الجدل، كل واحد له منظور بيشوف به الأشياء، كويس إنك تتعرف على منظور الناس في رؤية الأمور، بس أقفل الصفحة وابدأ في التركيز على حياتك إنت ...

  •  في فرصة دلوقت إنك تبدأ تكون عادات إيجابية، زي الصلاة، والقراءة في الإنجيل، والقراءة بشكل عام ... درب عقلك إنه يبدأ يكون العادات دي شوية بشوية ...

  • اللي بيحصل ده فرصة ذهبية للعائلات إنها تتعرف على بعض بشكل عميق ... متضيعوش الفرصة لأنها مش سهل تتكرر تاني، إن أولادكم يكونوا قاعدين معاكم علطول ... التعرف مش معناه النقد، ولكن الانصات، والفهم، والحوار ... علشان ميتحولش الموضوع لعزلة داخل العزلة ...


في حاجات كثير ممكن تتقال،

بس كل حاجة في وقتها ...

  وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.

(في4: 7)

القلوب والأفكار ...